کد مطلب:239549 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:157

سؤال یطرح نفسه
هل یعقل أن رجلا تعرض علیه الخلافة، أو ولایة العهد، بل ما هو أقل منهما بمراتب ؛ و یعرف جدیة العرض، ثم یرفض ذلك رفضا قاطعا، ثم یهدد، فلا یقبل الا بما هو أبعد منالا، و أقل احتمالا - بالنسبة الی سنه - و بشروط تبعده كل البعد عن مسرح السیاسة و الحكم، و تجعل من كل شی ء مجرد اجراءات شكلیة، لا أثر لها ..

هل یعقل أن رجلا من هذا القبیل - یسلم من أن ینسب الی ما لا یرضی أحد بأن ینسب الیه ؟!! .. اللهم الا اذا كان هناك ما هو أعظم، و أدهی و أخطر من ذلك المنصب، و الا اذا علم أنه سوف یدفع ثمن ذلك غالیا، و غالیا جدا، ألا و هو نفسه التی بین جنبیه !! ..

و الامام .. الذی نعرف، و یعرف كل أحد : أنه ذلك الرجل الجامع لكل صفات الفضل و الكمال : من العلم، و العقل، و الحكمة، و الدرایة، و النقی، شهد له بذلك أعداؤه و محبوه، علی حد سواء - هذا الامام .. قد رفض كلا عرضی المأمون : الخلافة، و ولایة العهد .. رفضهما رفضا



[ صفحه 300]



باتا و قاطعا، و لم یقبل ولایة العهد الا علی كره و اجبار منه، و الا و هو باك حزین، و عاش بعد ذلك فی ضیق شدید، و محنة عظیمة، حتی انه كان یدعو الله بالفرج بالموت !! ..

و علیه .. أفلا یكفی موقف الامام هذا، و سائر مواقفه من مختلف تصرفات المأمون، لأن یضع علامة استفهام كبیرة حول طبیعیة هذا الحدث ؟! ..

ألم یكن من الواجب أن یكون الامام (ع) مستبشرا مبتهجا كل الابتهاج لما سیؤول الیه أمره . و مدافعا عن المأمون، و نظام حكمه، و مناصرا له، بكل ما أوتی من قوة و حول ؟! ..

ثم ألا یفهم من ذلك كله : أنه (ع) كان یدرك ما یكمن وراء قبوله لأی من العرضین من مشاكل، و ما ینتظره من أخطار ؟! .. و أن ذلك لیس الا شركا یقصد ایقاعه به، و من بعده كل العلویین، و شیعتهم للقضاء علیه و علیهم، و الی الابد !!! ..

و اذا كان الامام (ع) یعرف الحقیقة، كل الحقیقة .. فهل یمكن أن نتصور أن یكون راضیا بأن یجعله المأمون وسیلة لأغراضه، و آلة لتحقیق مآربه و أهدافه ؟!! و لا سیما اذا لاحظنا أنه یعرف أكثر من أی انسان آخر ما لتلك اللعبة من عواقب سیئة، و ما تحمله فی طیاتها من آثار، لیس علیه هو، و علی العلویین، و المتشیعین لهم فحسب .. و انما علی الامة بأسرها ان حاضرا، و ان مستقبلا!! ..

هذا كله عدا عن أن هذه اللعبة سوف تكون بمثابة قطع الطریق علیه فی أی تحرك یقوم به، و أی نشاط اصلاحی یمارسه ؛ حیث لم یعد



[ صفحه 301]



یستطیع أن یكون فی المستقبل قائدا للحركة المضادة للمأمون، و نظام حكمه، القائم علی غیر أساس شرعی، و منطقی سلیم . [1] .


[1] و في كتاب : الامامة للشيخ محمد حسن آل ياسين ص 86، قال انه عليه السلام وافق علي فكرة ولاية العهد ؛ لتكون فترة امتحان و تجربة للمأمون ..

و لا يخفي ما فيه ؛ فان كل الدلائل و الشواهد كانت تشير الي أن الامام عليه السلام كان يعلم بحقيقة نوايا المأمون و أهدافه، و لم تكن ثمة حاجة الي امتحان و تجربة، كما اتضح و سيتضح ان شاء الله تعالي.